كلمة الراعي: يجب ان لا نهمل




كلمة الراعي

                    (يجب أن لا نهمل)

الإخوة والأبناء الأحباء،

أشياء كثيرة يجب أن لا نهملها في حياتنا المسيحيّة إذا كان لنا إرادة أن نعيش للمسيح، وأن يكون المسيح هو الذي يحيا فينا.

يتساءل البعض كيف ذلك؟ لقد رتبت الكنيسة مناسبات تقديسيّة بحسب مراحل عمر الإنسان، وتقدمه الجسدي ونموّه. لأن المسيحيّة ليست إيماناً سماوياً فقط. وللأرض أيديولوجياتها. المسيحيّة بالفعل إيمان سماوي، ولكنها تهدف أن تحقق ما جاء في الصلاة الربيّة: "كما في السماء كذلك على الأرض"، وبالتالي هدف الإيمان المسيحي أن يجعلوا من المجتمع البشري مجتمعاً مقدساً قائده الله بروحه القدوس، وكلمة إبنه الوحيد (أن يصيِّروا الأرض سماءً).

لتحقيق هذا الأمر علينا أن لا نهمل التقوى التي هي دلالة على وجود الله في حياتنا "عظيمٌ هو سرّ التقوى الله ظهر بالجسد"، ومن علامات غياب الله عن حياة الإنسان عندما لا يشعر بالتقوى.

إذاً من أول واجبات الإنسان المؤمن أن يحافظ على التقوى، والتي تعلّم اللاهوت، لا بل تعلّمه بخبرة، ولا يعود الإنسان يعيش الإيمان كفرض واجب، بل يعيشه كما احتياجه لتنشق الهواء، وشرب الماء.

نتيجة لهذه التقوى المعتمدة على الخبرة، وتملك الشعور ثبتت عائلاتنا برغم الإزعاجات والضيقات لأن الكلمة كانت: ألا نخاف الله، هذا لا يرضي الله، هذه الحال لا توافق الضمير الخ من العبارات الدالة على واقع داخلي يعيشه الإنسان عاكساً إياه على حياته، أقواله، تصرّفاته، وهذا لا يعني أبداً أن الإنسان في التقوى أسير أحداث، أو وقائع معيّنة، بل يعيش الإنسان ضمن المحبّة الإلهيّة، والصداقة معه، كما يعيش الإنسان أسير الأشياء التي استعذبها وبدت فيها له كل النفع

والصلاح.

ويمكننا أن ننمي التقوى بطريقة حديثنا عن أمور الإيمان والمتعلقات به. أن نربي أبناءنا على فرادة وجودنا في الكنيسة، ومشاركة الجماعة هذا الوجود بكلِّ محبّة وتقوى. وأن نكون متميّزين بحضورنا من جميع النواحي. الحشمة، الصمت، التأمل بكلمات الصلاة، النظافة، المتابعة، الإعتراف، والإنتظار للحصول على النعمة أو المناولة. أي على البيوت أن يكون دأبها الى جانب تهذيب الأبناء على قواعد الإنضباط، أو التعامل في الحياة البشريّة، أن نعمل على تهذيب الأبناء تقوياً بمستوى من اللياقة والترتيب أعلى مما يهتمون بالمعاملات في الحياة البشريّة، وعندما ينجح البيت بزرع التقوى في نفوس الأبناء بالتعليم والمثال تأتي كل الأشياء التقديسيّة التالية، والتي بالفعل يجب أن لا ننساها فهي تنفع كثيراً في نمو الإنسان نفسياً وجسدياً "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان".

والأشياء التي عاشها آباؤنا، ولا زال الكثيرون يعيشونها هنا وهناك: 

1- الصلاة على المرأة النفساء في ثاني يوم لولادتها لطفلها، وتبريكها وتبريك الطفل، ومن كان حاضراً، وإعطائهم الماء المقدَّس ليتناولوا منه. والكهنة يجب أن يحرصوا على هذه الصلاة حين ذهابهم عائلياً أو فردياً ليباركوا الوالدة والمولود.

2- تسمية الولد في اليوم الثامن. تقريباً لم يعد لها وجود في حياتنا. وهذه من الأمور التقديسيّة والمنميّة لسر التقوى عند الطفل.

زيارة الكنيسة في يوم الأربعين. هناك أراء متعدّدة حول المدّة المفروضة بعد الولادة. وهناك من يقول يجب أن تكون أربعين يوماً، أو ستين يوماً لكي تكون المرأة قد تطهرت. بالحقيقة المقصود من فرض المدّة، لأجل صحة المرأة النفساء، وخاصة في العصور الغابرة. أما في أيامنا هذه مع تقدم الطب، والأمور الصحيّة فالكثيرون يسمحون بدخول المرأة مع طفلها ساعة تشعر أنها قادرة على ممارسة حياتها البيتية والإجتماعية بلا عائق صحي.

ثم يأتي دور المعموديّة التي لا زالت في كنائسنا تأخذ طابعاً مركزياً في حياة الطفل وأهله. ومن غير المستحب المصاريف الزائدة في إتمام السر كالزينة، والموائد، والتجمُّل بالثياب الباهظة، أو التفاخر بالهدايا مما يجعلها حدثاً ثقيلاً عند بعض الناس الغير المحبذين لهكذا مصاريف، أو غير قادرين على مجارات من يقوم بها. ثم الخطأ الثاني المتعارف عليه، الإعتماد على العراب، أي معلم الإيمان، وهو قد يكون شخص لا يعرف الإيمان، ولم يطّلع في حياته على الإنجيل، بالكاد حفظ الصلاة الربيّة "أبانا الذي في السموات"، وقد يساعده الكاهن في تلاوتها. ناهيك عن دستور الإيمان الذي في أغلب الأحيان يتلى عن كتاب الكاهن، وفي هذا المجال كثيرون يفضلون من بإمكانه تقديم الهدايا، أو المراكز الوظيفية، والخدمية.

ويهمل الكثيرون أمر التقوى، ومن أخطر العادات في تحديد العراب، الأخذ بالاعتبارات القبليّة، والعائليّة، والمحسوبيات، ولا أعتقد اليوم بوجود عرابين كثر يهتمون بالتربية على الأيمان، وتدريب الأطفال المسؤولين عنهم على التقوى وعيش الإيمان. (يتبع)

                +المتروبوليت باسيليوس منصور 

                     مطران عكار وتوابعها

7-Feb-2021