مجد الصليب و فخره - القديس يوحنا الذهبي الفم




اليوم يا أحبائي نُعيّد ونحتفل إذ أن السيّد على الصليب والشمس متوارية.
ولا نتعجّب من أن الأمور التي تسبب التجهّم والعبوس هي نفسها التي نحتفل بها، إذ أن كلّ الأمور الروحية تختلف عن الأمور الجسديّة المعتادة.

كان الصليب في السابق اسمًا للقصاص والعقاب، أما الآن فهو اسم للفخر والاحترام، كان الصليب في السابق موضع عار وعذاب، أما الآن فأصبح سبب مجد وشرف.

وكون أن الصليب هو مجد يؤكدّه قول المسيح " أيها الآب مجدّني بالمجد الذي كان لي عندك قبل تأسيس العالم" (يو5:17).

فالصليب هو قمة خلاصنا، الصليب هو مصدر عشرات الآلاف من الخيرات، بواسطته صار المنبوذين والساقطين مقبولين في عداد الأبناء.

به لم نعد بعد مُضللين بل للحق عارفين.

بالصليب أصبح الذين كانوا فيما مضى يعبدون الأخشاب والأحجار، يعرفون خالق الكل.

بالصليب نال عبيد الخطية عتق الحرية بالبر.

به صارت الأرض سماءً، فهكذا (بالصليب) تحررنا من الضلال، وهكذا نلنا الإرشاد إلى الحق.

هكذا تمم الله أمرًا يليق به تجاه البشر.

هكذا أقامنا من عمق الخطية ورفعنا إلى قمة الفضيلة.

هكذا أباد ضلال الشياطين وهكذا كشف الخداع.

بالصليب لم يعد هناك دخان، ولا دماء حيوانات مهرقة، بل في كل مكان نجد الاحتفالات الروحية والتسابيح والصلوات.

بالصليب هربت قوات الشر وفر الشيطان.

بالصليب تتسابق الطبيعة البشرية لتنضم إلى محفل الملائكة.

بالصليب صارت البتولية مستوطنة على الأرض. فحيث أتى المسيح من عذراء فقد فتح طريق هذه الفضيلة أمام طبيعة البشر.

بالصليب أنارنا نحن الجلوس في الظلمة.

بالصليب حرَّرنا من الأسر، وبعد أن كنا بعيدين صرنا منه قريبين.

هكذا بالصليب خلُصنا، وصار لنا هذا الفداء بالفعل.

هكذا بالصليب بعد أن كنا غرباء صرنا مواطنين سمائيين.

هكذا بالصليب بعد أن كنا نُحارب صار لنا السلام والأمن.

وبالصليب لم نعد نخاف سهام الشيطان، فقد وجدنا نبع الحياة.

بواسطة الصليب لا نحتاج فيما بعد الزينة الخارجية لأننا نتمتع بالعريس.

وبه لم نعد نخاف الذئب فقد عرفنا الراعي الصالح " أنا هو الراعي الصالح " (يو11:10).

وبه لن نرهب الطاغية إذ صرنا في جانب الملك.