صادقة هي الكلمة


فلنتمسّك بصورة التّعليم الصّحيح، لأنّ في ذلك عيش الحياة الحقّة الّتي تؤدّي إلى راحة الضّمير وهدوء البال ونقاء الذّهن وطهارة القلب. 



كلمة الرّاعي
سيادة المتروبوليت باسيليوس منصور الجزيل الاحترام
22 كانون الثّاني 2023
في افتتاحيّة البشارة
صادقة هي الكلمة
الإخوة والأبناء الأحبّاء،
الرّسول يوحنّا في ابتداء الإنجيل الّذي أرَّخ به للبشارة قال: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله". ثمّ يقول: "إنّ كلمة الله صارت إنسانا وحلّت بيننا".
وبناءً على هذه المقدّمة بنى الرّسول روايته المقدّسة عارضا وشارحا كلّ الإيمان الّذي أُظهر بيسوع المسيح. نجد في كثير من الأحيان أنّ الكلمة بحسب التّعبير الوارد عنها في الإنجيل تأخذ ثلاثة معان. أوّلا تعني ربنا يسوع المسيح، وهذا ما نجده فيما ورد أعلاه من كلام الرّسول يوحنّا الإنجيليّ.
في مواضع أخرى وخاصّة في رسائل القدّيس بولس، نجد أنّ مصطلح الكلمة يعني التّعليم عن أنّ ربّنا يسوع المسيح كلمة الله المتجسِّدة، محتويا أيضا ما علّمه.
1تي: "تمسَّك بصورة الكلام الصّحيح الّذي سمعته منّي في الإيمان، والمحبّة الّتي في المسيح يسوع". واضح هنا أنّ التّمسّك بالكلمة لا يعني أيّة كلمة، بل يعني الكلام الصّحيح الآتي من مصادره الأولى، ولهذا في مكان آخر يقول الرّسول "إذا جاءكم ملاك بغير ما بشّرناكم به فليكن مرفوضا".
فلنتمسّك بصورة التّعليم الصّحيح، لأنّ في ذلك عيشه الحياة الحقّة الّتي تؤدّي إلى راحة الضّمير وهدوء البال ونقاء الذّهن وطهارة القلب. وإذا استطعنا ذلك استطاع الرّوح القدس أن يلد في أحشائنا كلّ النّعم الّتي تحدّث عنها الرّسول بولس في مواقع عديدة من رسائله.
مصطلح الكلمة يعني أيضا المنظومة الأخلاقيّة الّتي يحويها الكلام الإلهيّ. فقد قال الرّبّ لتلاميذه: "إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم معمِّدين إيّاهم باسم الآب والابن والرّوح القدس وعلّموهم جميع ما كلّمتكم به".
الرّسول بولس يقول عن الكلمة إنّها الجديرة بكلّ قبول والقادرة أن تصيّرنا حكماء للخلاص. وبهذه الكلمة خرجنا من ضلال الأمم إلى نور المسيح، وتحرَّرنا من عبوديّة الخطيئة، ولذلك يوصي الرّسول بولس تلميذه أن يواظب على القراءة، وإذ يمتلئ من القراءة يصبح قادرا على الوعظ والتّعليم.
ومن صفات الّذي يحمل الكلمة الإلهيّة أن يكون كلامه مثالا للمؤمنين، وقدوة لهم في حديثهم مع بعضهم البعض. وهذه الكلمة هي التي تعلَّمُ الإنسان كيف يعيش، لأنّ الكتاب المقدس الذي هو تعبير عن هذه الكلمة، يحدّثنا فيه عن شؤون حياتيّة متنوّعة تشمل حياتنا في شتى مراحلها. الطّفولة والرّجولة في الاكتمال والشّيخوخة، في الحزن والفرح، في السّرّاء والضرّاء.
لهذا أيّها الإخوة الأحبّاء تصادفنا في هذه الأيّام كلمات كثيرة، ومنها تأتينا مناهج حياة متعدّدة. أمّا الكلمات الّتي تأتي من هنا وهناك فلا يمكن أن تخلق في الإنسان قلبا متواضعا.
إنّ إيديولوجيّات العالم وفلسفاته تعلّم الإنسان الكبرياء والاستزادة من المال واللّذة والمتعة الّتي تنتهي مع هذا العالم. أما المسيحيّة فتدعوك بالكلمة الإلهيّة الّتي يصبح الإنسان لصيقا بها أن تعمل لهذا العالم لتكون فيه سعيدا هنيئا وتستعدّ للحياة الآتية بما يليق بالّذين دعوتهم أن يكوِّنوا أمّة مقدَّسة.
وبدون استقامة الكلمة في أيّ تعليم لا يمكن لحياة الإنسان أن تصحَّ ولا أن تستقيم. على هذا الرّجاء وبه نستعدّ للدّخول في مرحلة آحاد الاستعداد للصّوم الكبير جعله الله نورا وجهادا طيّبا في حياتنا لهذا العالم وللعالم القادم آمين.
22-Jan-2023