للإيمان بالمسيح ولقبول المسيحية، لا مناص للمرء من أن حالته الخاطئة وأن يتوب؛ ولبقائه مسيحيّاً لا بدّ له من أن يری خطاياه وأن يفطن لها، ليعترف بها من ثمّ ويتوب عنها.. فمن المحال، فيما يعيش المرء في الخطيئة ويحبّ الخطيئة، أن يتّخذه المسيح ليكون خاصّته. . كما وأن التوبة لا تطهّر المرء من خطاياه فحسب، بل إنّها تشحذ بصره أيضاً بحيث يری نفسه بوضوحٍ أوفر... أمّا فقدان الحسّ لدى النفس أو خمودها، فيقوم على فقدان وخسارة حسّ التوبة والتفجّع من روحنا، وخسارة ذلك الألم المفيد المسمّى الندم من قلبنا. والحال أنّ انعدام تألّم القلب أو السلام الوهميّ هو دلالةٌ صادقةٌ على وجهة نظر خاطئة، وعلى جهادٍ خاطئ، وعلى خداعٍ للنفس. . وأمّا السبيل إلى بلوغ الندامة فهو السيرة اليقظة.. والسيرة اليقظة المنتظمة الموافقة لوصايا الإنجيل، حتى ولو كانت سبب التوبة الأوّل، ما دامت غير مظلَّلةٍ بالنعمة الإلهيّة وغير مثمرةٍ لا تُنتج أسفاً صادقاً، وندامةً، وتفجّعاً، ودموعاً، وكلِّ ما يشكّل التوبة السليمة..بَيد أنّ الطريقة الروحيّة للتوبة والتفجّع لها من القدرة ما يجعلها في مأمنٍ من الخداع الشيطانيّ، أو ما يُسمّی بالضلال الشيطانيّ... فكيف يمكنه أن يخدع شخصاً يتوخي بكلّ قوتّه اكتشاف حالته الخاطئة، شخصاً يتفجّع على ما قد كُشف له فاستفزّه لتوخّي المزيد من عمق النظر، والذي تدأب نفسه على أن يرى في ذاته التماساً واحداً وحيداً من امرئٍ خاطئ، لكي يسعه من خلال نشاطه الخارجيّ والباطنيّ كليهما أن يقدّم لله وعيه لحالته واعترافه بها.

القدّيس إغناطيوس بریانشنينوف