كلمة الراعي
باسم الآب والإبن والروح القدس
الإخوة والأبناء الأحباء،
في حديثي معكم لهذا الأحد الثاني من الصوم الكبير المقدَّس سنتأمل بعون الله تعالى وبنعمة روحه القدوس، في حياتنا الصلاتية لهذه الأيام العظيمة. وفي البدء سنتكلَّم عن فاعلية الصلاة في حياة القديس غريغوريوس بالاماس.
يقول كاتب سيرة حياته القديس فيلوثيوس كوكينوس. أن عائلته بكاملها عاشت حياة الصلاة بالرغم من كل الإنشغالات الهامّة التي كانت تعتري حياتهم.
فوالده عضوٌ في مجلس الشيوخ قريب جداً من الامبراطور في القسطنطينية وكان لقبه القديس. كان الوالد والوالدة مع الأولاد يترددون كثيراً على الأديار وخاصة الى منسك أحد الآباء الشيوخ.
هذه التربية طبعت حياة الأولاد وفي كلِّ زمنهم.
يروى أن والد القديس غريغوريوس كان مريضاً وثقل مرضه. فطلبت زوجته منه أن يكلِّم الامبراطور لأجل العناية بهم من بعده فقال لها وبشيء من التعنيف عندنا والدة الإله تعتني بهم فهل يليق بنا أن نكلِّم الامبراطور. كان الجواب مقنعاً للمرأة التي تابعت حياتها مع أبنائها على جري العادة. هم بالعلم والصلاة وهي للعمل في البيت وتربية الأولاد. إستطاع القديس غريغوريوس بالصلاة أن يصل الى مرتبة عالية من القداسة ولم يكن العلم ينقصه ولكنه اختار الصلاة على كلِّ شؤون هذا العالم فترك القصر الامبراطوري الى الجبل المقدَّس حيث أديار الرهبان والنساك.
في يوم 20 كانون الأوّل 2009 تمّ الاعتراف بقداسة عائلة القديس غريغوريوس بكاملها. أما هو فقد رتب اسمه على لائحة القديسين منذ العام 1367.
لم يكن القديس غريغوريوس مصلياً طقوسياً فقط بل اعتنق حياة الصلاة الدائمة.
وبعلاقته المباشرة مع الله بواسطة الصلاة الدائمة إستطاع أن يخلِّص الكثيرين من الهراطقة ويعيدهم الى صوابية الإيمان وإستقامة الرأي وتحدَّث كثيراً عن النور الإلهي ومكافأة الإنسان بهذا النور.
تحدَّث كثيراً عن أهميّة الصلاة بالنسبة للمؤمن وبالنسبة للعلاقات الشخصية والاجتماعية والعائلية. وأفاد الكنيسة برؤية واضحة وشرحٍ كافٍ ووافٍ لعقائدها وأسرارها. محبته للكنيسة ولعائلته ولبلاده استقاها من حياة الصلاة وصدقه واخلاصه فيها. فلم تكن الكنيسة عنده مجموعة من الطقوس الاجتماعية بل حياة شخصيّة، وكذلك كانت بالنسبة لعائلته. ورتبت الكنيسة أن يعيَّد له في هذا الأحد للدلالة على العبادة المقبولة عند الله. وعلى المكافأة الناتجة عن هذه العبادة.
إنَّ التهاون في الحياة الروحية خروج عن جادة الاستقامة ويؤدي الى الخسَّة في الأخلاق والتدني في الرجولة وغياب الفضيلة والأهداف الساميّة.
أيها الإخوة الأحباء. إننا في هذه الأيام ومن خلال الزيارات الرعائية للكثير من الكنائس قد رأينا تفاوتاً مريعاً بين منطقة وأخرى ففي بعض الرعايا يجمِّلُ الناس الكنيسة بحضورهم. الآباء، الأمهات، الأولاد، الشيوخ، الشبيبة.
يقف الإنسان في مثل هذه الكنائس ومع الجموع فيشعر بفرح داخلي ورغبة في الصلاة.
أما في الرعايا حيث الناس لا يشعرون بأهمية الصلاة والحياة الروحيّة، فيشعر المصلي ببرودة قاتلة وخاصة إذا حضر الناس بسبب إجتماعي أو غيره من الأسباب. أي تصبح الصلاة حركة من حركات العلاقة الإجتماعية.
أيها الإخوة والأبناء الأحباء،
هوذا وقت الجهاد العظيم جهاد النفس وزمن خلاصنا قد أحاطت بنا أيامه فلتكن أوقاتنا في هذه الأيام لله. لأن لها خصوصيتها فهي للمصالحة مع الذات وللمصالحة مع الجماعة والمصالحة مع الطبيعة. يجب أن نعيشها بعيداً عن الفتور الروحي وأن نطرد الكسل المحيط بحياتنا وأن ننتبه لما هو أبقى حتى في بناء إنساننا الخارجي.
لنعطي الصلاة الأفضلية بالنسبة لمطربات وملاهي العالم. فالصلاة تجعلها أجمل وأمتع.
وببعض الثبات والصدق سنبدأ باستدراك أهميتها وانعكاس إيجابياتها على حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والوطنية وصدق الانتماء الى الهويّة التي حملناها بالمعموديّة وفي البطاقة الشخصيّة بالولادة الجسديّة.
ليكن ذهننا يقظاً من هذه الناحيّة ولنصرخ مرنمين مع النبي فرحت بالقائلين لي الى بيت الرب نحن ذاهبون.
يا رب كلامك في حلقي اشهى من شهد العسل.
وكلمة أخيرة أقولها. إنكم كصورة لله. أنتم أجمل الأيقونات التي من الممكن أن تجملوا بها بيوت الله. الذي له المجد والقدرة الى الأبد. آمين.
+باسيليوس
مطران عكار وتوابعها