لماذا نسجُد للصليب في الأحد الثالث من الصوم؟
في ٦ آذار عام ٣٢٦م، وجدت الصليب الكريم القدّيسة هيلانة والدة الأمبراطور القدّيس قسطنطين الكبير. وكان من المفترض أن تعيّد الكنيسة لرفع الصليب في هذا اليوم، أي ٦ آذار. إلاّ أنّ الأمبراطور كان يبني هيكل القيامة في القدس، ولذلك لم يُتمّ رفع الصليب إلاّ سنة ٣٣٥، في ١٤ أيلول، بعد أن تمّ تدشين كنيسة القيامة في اليوم السابق، ١٣ أيلول. كانت القدّيسة هيلانة قد رقدت منذ سنة ٣٢٧.
ولكن بما أنّ الصليب تمّ وجوده في ٦ آذار (تقويم شرقي)، وكان ذلك في الصوم الكبير، لم يكن في وسع الكنيسة أن تتغاضى عن هذا الحدث العظيم، فعيَّّنت السجود للصليب كلّ سنة في الأحد الثالث من الصوم الكبير.
فإنّ الصليب هو منطلق سائر الخيرات: عند الصليب ماتت الخطيئة وعنده مات الموت.
لم ينته الأمر في الصليب، بل تبعته القيامة.
الربّ لم يعبر إلى القيامة إلاّ بالصليب، بنتيجة الخطيئة وهي الموت.
قام الربّ، فأباد الخطيئة والموت معًا.
نعم، عندما يؤمن الإنسان بالربّ يسوع المسيح، بمعنى أنّه يعطيه حياته ويلتصق به، يصير هو أيضًا مسيحًا، وهذه هي الطريقة الوحيدة للقضاء على الخطيئة.
لا يفلح الإنسان في جهاده ضدّ الخطيئة إلاّ إذا جاهد وهو متّحد بالمسيح، وها الصليب مزروع في وسط الصوم الكبير ليشددنا ويكون لنا سلما سماويا نرتفع فيه مع المصلوب إلى العلى ونقوم معه فنبلغ السماوات.
مع الصليب، نضع الحبق والأزهار. الحبق لأنّ التسليم الشريف يقول إنّه كان مزروعًا حيث وجدوا الصليب.
وفي إنجيل يوحنّا: "وكان في الموضع الّذي صُلبَ فيه بستان" يوحنا ٤١:١٩
فالمسيح تألّم وتعذّب ولكنّ الخلاص أزهر من وسط العذاب، ومن الصليب الفرح.
الصليب ليس عذابًا صرفًا، ولكن فيه حلاوة وفرح.