رسالة من سيادة المتروبوليت باسيليوس منصور مطران عكار وتوابعها في غمرة الأعياد المجيدة
المسيح قام حقاً قام
الإخوة والأبناء الأحباء،
في غمرة الأعياد المجيدة، والأصوام المقدسة أخط إليكم بعض الكلمات والتعابير لعلّي في ذلك أجد بعض الفرج من الضيق الذي يغطي نفسي ومشاعري، لعدم تمكني من الإلتقاء معكم في رعاياكم، والإطمئنان شخصياً عن أحوالكم بالرغم من أنني زرت الكثير من الرعايا. ولكن الظروف غير المعتادة، والتي أرادها الشرير، ومعاونوه من عظماء هذا العالم، أن تكون غير اعتياديّة وقاهرة، ومعرقلة للكثير من العادات والعبادات المحببة على نفوسنا. لأننا بسبب هذا الوباء حرمنا من تلك التهنئة والحلاوة التي تعطى، وينالها الإنسان المؤمن باجتماعه مع الإخوة "ما أحلى، وما أجمل أن يجتمع الإخوة معاً إنه كالطيب المسكوب على اللحية لحية هرون النازل على جيب قميصه"، وقول النبي داود أيضاً: "فرحت بالقائلين لي الى بيت الرب نحن ذاهبون"، وتوّج ذلك كلام السيد: " المجد حيث، اجتمع إثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون بينهما". إن الصعوبة في هذه الأيام قد أخرجتنا مما ارتاحت له نفوسنا، وطريقة التعبير عنه، ولأجل الصحة العامة، والمصلحة وفائدة المجتمع قد اضطررنا أن نعود أدراجنا الى بيوتنا لندخل مخادعنا لنؤكد له سبحانه وتعالى أننا له في جميع الظروف لا تفصلنا عن محبته لا الضيقات، ولا المعوقات مهما تنوعت، ونعبر اضطهادات هذا الزمن، لأجل اسمه، وكأنها برد وسلام، ولا شيء يحرقنا أو يوهن عزيمتنا عن محبة المسيح، وهذه العزيمة المباركة، والهمة الطيّبة، والغيرة المقدَّسة هي صرخة من صميم أعماقنا أن المسيح قام، ولا أحد في القبر. المسيح قام، وطرد الخوف. المسيح قام، ونور قيامته يضيء الجميع. المسيح قام، والكون كلّه عائلة واحدة. نعم معاني كثيرة ومجيدة يعنيه استجابتكم لتنبيهات المجمع المقدس، وطلب الجهات الرسمية لأن كلا الجهتين يسرون بأن تكونوا دائماً ممتلئين صحة، وعافية، واطمئناناً، وسلامة، ويزعجهم في أي وقت أن تكونوا متضايقين لأي سبب من الأسباب. ولكن القيمة التي يأخذها الإنسان ليس مما يفعله، ولكن بما يحققه ومن الجهاد الذي يتحمله.
الإخوة والأبناء الأحباء،
هذه الأيام تعلمنا أن لله كنائس، ومعابد قد سرّ بها، وارتضى علانية وصرحة. فكم ذكرت الكنائس التي في البيوت، وكم ذكر من الأسر الخادمة وهم في بيوتهم، ولكن الهيكل الأهم لله هو أنتم، "أنتم هياكل الروح القدس"، وكم شدّد الآباء القديسون على أهمية الشخص كهيكل للروح القدس، وأنه هيكل الله الحي، وتفوُّق هذا الهيكل على الهياكل، والكنائس الجميلة العظيمة التي تشاد هنا وهناك. وأنا أقولها بصراحة إذا لم تتقدس الهياكل الحجرّية بنعمة الروح القدس، ومواظبة المؤمنين على ارتيادها، ورفع أدعيتهم بين جنباتها تكون كالقبر الفارغ معلنة قيامة المسيح، ولكنه ليس فيها، ولا يتفوَّق عليها أية من عبادات تتمّ في الكنيسة إلاّ القداس الإلهي لأن فيه مناولة الجسد والدم الطاهرين.
الإخوة والأبناء الأحباء،
الإخوة والأبناء الأحباء،
إنها أيام نعلن فيها، وبطرق عديدة بتعدد مرابع محبتكم وميادينها بعدم نسيانك القول الرسولي: "من أحب فقد عرف الله، ومن لم يحب لا يعرف الله، الله محبة". وأسمع الكثير عن غيرتكم واندفاعكم بأنكم تتقاسمون الطعام فيما بينكم، ويزدد بعضكم بعضاً بما يحتاجه، إن غيرتكم هذه من أهم مفاعيل القيامة وأنوارها، وانعكاس هذه الأنوار في ميادين الحياة البشريّة، فما نقدمه لمن ضاقت به الدنيا إنما نقدمه ونعامل به السيد له المجد، ومن المكافأة، وما نقوم به إنما هو ردة فعل لمبادرته بمخاطبة ضمائرنا. فهذه هي القيامة من قبور حاجتنا لما يستملكنا ويكبل إرادتنا من الذي نملكه.
هذه الأعمال، والصلوات البيتية ليست من هذا العالم، بل هي صلوات مقدَّمة مباشرة أمام مذبح الله بنظر محبتنا لبعضنا البعض فيبهج لمرأى هذه المحبة في عائلته المؤسسة على أساسات قيامته ووعده بأن يكونوا واحداً.
يبدو، وكأن الشرير لا يريد أن نعلن هذه المحبة، لا دفعة واحدة ولا على دفعات متتالية. فكما أنه أبعدنا عن كنائسنا فقط مكانياً، ولكننا نتجاوز ذلك، إذ أننا نحن جسد المسيح أي كنيسته، نجتمع معاً أينما كنا، وعلى هذا الرجاء، وأمل اللقاء معكم كما اعتدنا، أعلن أننا في أبرشية عكار وتوابعها في كافة أقسامها لن نتلقى التهاني بالعيد للأسباب التي تعرفونها جميعاً، وأسألكم أن تذكروني في صلواتكم وأدعيتكم، وأنا أعانق محبتكم رافعاً إليه سبحانه وتعالى أن يرفع عنا البلاء، وأن يحفظكم وعائلاتكم، وما يخصكم، ويختص بكم بنعمته الإلهية، لنصرخ أينما كنا مهللين وفرحين المسيح قام حقاً قام.
كل عام وأنتم بخبر
مطران عكار وتوابعها
المتروبوليت باسيليوس منصور