لقد انقضّت المرأة الهاذية على الشابّ الفطن، وأمسكت بثوبه،وجرّت قسراً يوسف المتواضع قائلة:أصغِ إليّ يا محبوبي، وهلمّ اضطجع معي(تك٧:٣٩ي).
كانت المرأة المصريّة تسحبه من جهة، فيما كانت النعمة تسحبه من الجهة الأخرى. أمّا الأولى، فكانت تصرخ قائلة:نَمْ معي؛ وأمّا من فوق، فكانت النعمة تصرخ قائلة:إبقَ مستيقظاً معي. معها، كان الشيطان يعارِك بشراسة، ويديها كانت تقبض بشدّةٍ على يوسف الشابّ، إلاّ أنّ الفطنة تحرّكت من جديدٍ إلى الشجار، آتيةً بيدها لمساعدته:قد ينشقّ لباس الرجل الفطن، فلا أدَعَنّ جسدَه يتلوّث.ومن ذاك الذي يعيّن الجائزة سينال_كمنتصرٍ_
ثوب الخلود، بما أنّ العين الظاهرة تراقب كلّ شيء
القديس رومانوس المرنّم
ذاك الذي يقبل كلّ ما يحدث له إنّما هو حرٌّ من كلّ قيد، ولا يرفع يديه ضدّ اللّه الذي يأمر بما يشاء لأجل تنشئتنا. بل ولا يتذمّر سرّاً في أفكاره، التي لا يستطيع البشر إدراكها. فطريقة التذمّر هذه هي خاصّة العبيد الأردياء، الذين لا يدينون أوامر أسيادهم عقلانية، بل يتذمّرون دون أن يُعلّوا الصوت وبكلّ نفوسهم على ما يحدث، كما لو كانوا يودّون إخفاء موضوع شكاواهم عن العناية وعن ربّ الكون. إلى هذا يلّمح سفر أيوب يلوح لي
أوريجانيس
فلْنعْلم أنّ خبث الشيطان مفيدٌ لخلاص البشر، لا لأنّ الشيطان يودّ أن يكون مفيداً، بل لأنّ خبثه نفسه يُحوّله الربُّ رغماً عنه لخلاصنا. فهذا الخبث هو الذي جعل فضيلة أيْوب الصدّيق وصبره أشدّ سطوعاً. وهذا الخبث هو الذي امتحن برّه، ما جعله يناضل، وينتصر، ويستحقّ الإكليل بهذا النصر؛ سيّما وأنْ ما من أحدٍ يكلَّل إلاّ ذاك الذي ناضل كما يجب
القديس أمبروسيوس