في أواسط القرن الخامس كان بجوار مدينة القسطنطينية غابة بديعة مظللة بأشجار السرو مع مروج كثيرة.
وقد كان هذا المكان مكرساً منذ الأزمنة القديمة لوالدة الإله الفائقة القداسة، وفي وسطه ينبوع ماء تحدث فيه بنعمة الله عجائب كثيرة.
وفي يوم موافق مر بهذا المكان جندي اسمه "لاون مركلوس"، فرأى رجلاً أعمى تائهاً فأجبرته عاطفة الشفقة على مد يد العون فقاده إلى الطريق. ولما قربا من المكان ألهب الأعمى عطشاً شديد فتضرع إلى لاون طالباً ماءً ليستقيه، فدخل إلى الغابة
إذ لم يجد ماءً بعد عناء طويل اكتئب مغموماً، وفيما هو عائداً سمع صوتاً يقول له:
"يا لاون لا تتعب مفتشاً عن الماء بعيداً لان الماء قريبٌ منك".
فاخذ يبحث وهو مرتعد من الصوت دون جدوى. ثم سمع الصوت مرة ثانية قائلاً له:
"أيها الملك لاون ادخل إلى وسط الغابة
وستجد هناك ينبوع ماء استقي منه أنت والأعمى وامسح عينيه المكفوفتين بطين من الينبوع،
وستعرف سريعاً أنني أنا ساكنة هنا في هذا المكان منذ زمن طويل،
فلا تبطئ في إقامة كنيسة على اسمي
لأنني سأستجيب لجميع الصلوات المقامة عن إيمان وأمنح الشفاء للمستغيثين".
فصنع لاون بما أمر به وللحال عاد الأعمى بصيراً. ودخل المدينة وحده معلناً عجائب والدة الإله العظيمة.
وبعد عدة سنوات استولى على عرش المملكة لاون(457-473م).
وتذكر ظهور والدة الإله له عند الينبوع. فأسرع في تنظيف المكان من الطين وتعميق حفر الينبوع وأقام فوقه كنيسة بديعة على اسم والدة الإله،
وسمى ذلك المكان "الينبوع الحامل الحياة" حيث كان يفيض بالعجائب ويتوافد إليه أعداد كبيرة من المؤمنين طالبين معونتها التي كانت تستجيب لهم وتمنحهم الشفاء.
وبعد خضوع القسطنطينية لحكم الأتراك هدمت الكنيسة ومع ذلك بقيت والدة الإله تصنع عجائب شفاء كثيرة. ثم أعيد بناءها على عهد السلطان محمود، وتمت تكريسها عام 1835م. ولا تزال هذه الكنيسة قائمة حتى اليوم بقربها مستشفى ومأوى للفقراء.
تسمية والدة الإله "ينبوع الحياة" إنما تدل على أنها الينبوع الفائض الحياة والخلاص للعالم، وأنها لم تزل حتى الآن تفيض رحمتها العظيمة المعونة والغزيرة على المؤمنين كما وعدتهم. لأنك يا والدة الإله: ليس أحدٌ يسارع إليك ويمضي خازياً من قبلك أيتها البتول النقية أم الإله. لكن يطلب نعمة فينال الموهبة حسب ما يوافق طلبته".
تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيد ينبوع الحياة كل عام في أول يوم جمعة بعد الفصح المجيد.