التربية من منظور الآباء القدّيسين مع قدس الأب استيفانوس منصور كاهن رعيتي الزويتينة و جوار العفص في وادي النصارى في برنامج كلماتك قولا عبر أثير راديو السلام.
أضاء قدس الأب منصور، مستشهداً في كل حديثه بأقوال القدّيسين و الآباء، على الأمور الهامة في التربية و كيفيّة التعامل مع الأبناء، و أهمية التربية من منظور القدّيسين إذ إنهم تكلموا عن التربية من خبرتهم الشخصية و تقدّست سيرتهم فاستناروا بنور الروح القدس و جعلتهم طهارة قلوبهم آنية للنعمة. و تعاليم القدّيسين هذه ليست بقديمة أبدًا و تصلح لعصرنا. و يلحظ الآباء ثلاث مراحل مهمة في التربية، من الفترة الجينيّة منذ لحظة التكوين مروراً بمرحلة الطفولة المبكرة حيث تكون طبيعة الطفل طيّعة و سهلة التشكيل إلى مرحلة المراهقة و الشباب و هي فترة شاقّة و متعبة لما فيها من تهوّر الشباب و تحتاج الكثير من الإرشاد. و لا تنتهي التربية بعد مرحلة الشباب و إنما هي عمليّة مستمرة و دائمة. أما عن أولويّات و هدف التربية الأول فهو التقدّس و العيش بطريقة مسيحيّة و اقتناء الفضائل و العادات الصالحة و أن نعلّم أولادنا محبة اللّه و الحق. و شدّد قدس الأب استيفانوس منصور على أن لا يكون جُل اهتمام الاهل في التربية هو الضمانة الجسدية و المادية و تعلّم اللغات و جمع الثروات.
و عن مسؤولية الأهل و واجباتهم في التربية، أضاء قدس الأب منصور على تأثير الأهل في توفير بيئة مناسبة لتربية الأولاد و "تعتمد الثمرة التي يحملها النبات على التربة المزروعة فيها". و التربية نشاط مشترك بين الأم و الأب معاً يتطلّب تخصيص الوقت الكافي و تبسيط الحياة مع الأولوية الدائمة للتربية كي لا تنحرف الأسرة و من أجل نمو أكثر اتزاناً في المجتمع: "القليل بالمحبة سوف يكفي و يزيد". على الأم أن تتكلم مع أولادها عن يسوع و سير القدّيسين كي يتنقّوا روحيّاً.
و أشار قدسه إلى ثلاث طرائق في التربية، أولها التربية بالاقتداء إذ لا يمكن للآباء توجيه الأبناء ما لم يعيشوا ما يعلّمونه و يكونوا صادقين و أمناء بعيداً عن التملّق و الكذب و الخداع و الرياء و الأهواء عامةً.
ثانياً، التربية بالصلاة فعلى الأهل أن يصلّوا من أجل أولادهم. غالباً ما يلجأ الأهل إلى الملاحظات المتكرّرة و العقوبات و الشتم و الضرب أحياناً، و لا يمنحون أولادهم دفء الصلاة. هم لا يتواضعون و يطلبون معونة اللّه. و سلّط قدسه الضوء على أهمية صلاة يسوع في تقديس حياة العائلة.
أما عن ثالث طرائق التربية فهي التربية بالمحبة أي بالحوار و المودّة و الحنو الأبوي، محبة بالأفعال و ليست بالكلام و حسب فيشعر الولد بهذه المحبة. على الأهل ضبط النفس بعيداً عن القسوة حتى في حال التأديب. هكذا تكون التربية الإيجابية. هكذا نوجّه عواطف الأبناء للصلاح.
و عن النصائح التي تضمن نجاح المسار التربوي، أشار قدسه إلى أهمية التربية بشكل تدريجي لمواجهة المجتمع بتقلّباته. و كذلك أهمية إعداد الأبناء للاعتماد على أنفسهم و تخفيف الظغط عليهم و الإفراط في حمايتهم. من النصائح أيضًا أن لا نكثر من مديح أولادنا فالمديح يطرد نعمة اللّه التي تأتي فقط بالتواضع المقدّس. و أيضاً على الأهل أن يكونوا جديرين بالمسؤولية و أن يضعوا ضوابط و موانع فلا يتساهلوا في تحقيق رغبات أولادهم و في تربيتهم.
و ختم قدسه حديثه بأن على الأهل أن يعلَموا أن أبناءهم هم أبناء أللّه و وديعة اؤتمن الأهل عليها حتى يتقدس الأولاد. فالقدّيسون يحدّدون مصير الأمم و الشعوب و يغيّرون بقداستهم وجه التاريخ.