نعم أيّها الإخوة والأبناء الأحبّاء، وإلى يومنا هذا لا زالت هذه المؤسّسات والدّول والمنظّمات تحارب يسوع المسيح، وتشكّك بشخصه وبتعليمه وبقداسة والدته. ينطوي هذا كلّه تحت بند الحرب ضدّ المسيحيّة.
كلمة الراعي
المتروبوليت باسيليوس منصور الجزيل الاحترام
في افتتاحيّة البشارة
25-أيلول-2022
كيف ندافع عن الإيمان
الإخوة والأبناء الأحبّاء،
منذ زمن سحيق ضارب أظافره في القرون الغابرة، وإيماننا يتعرَّض لهجمات شرسة من هنا وهناك. وبالرّغم من أنّ إيماننا قد علَّم النّاس كمالَ الدستور الاجتماعيّ، والقانون الأخلاقيّ، وتفوَّق على الشّريعة الجامدة لينقلهما الى رحاب النّعمة والحقّ والحرّيّة والحياة. هذه الّتي بيسوع المسيح له المجد قد أعطيت، وصارت ممكنة للنّاس. بهذه الفضائل المعبر عنها بالوحي الإلهيّ على أفواه الرّسل والأنبياء، قد صارت الدّنيا أفضل حالا، والمحبّة بين الناس أسهل نوالا، وما كان صعبَ التّحقيق صار بمعونة الله هيِّنا حصوله وبكلّ سهولة، "إحملوا نيري عليكم فإنّ نيري هيّن وحملي خفيف"
وبهذه الكلمات والرّؤى المستقيمة للحياة، صارت الشّعوب البربريّة متحضّرة وانتقلت الأمم الوثنيّة إلى عبادة الله تعالى الواحد الأحد المثلّث الشّموس. وبتغيّرِ ما في داخل الإنسان وعلاقته بالله، تغيّرت ثقافته، وحضارته، وصار قادرا أن يسير صعودا في مراقي الحياة والحضارة والحياة الاجتماعيّة الإنسانيّة. فلمّا قدمت الشّعوب الأوروبيّة، المعروفة اليوم، من آسيا إلى أوروبا، كانت شعوبا وقبائلَ بربريّة يأكل قوّيها ضعيفها. وتسود بينها شرائع الغاب. لم يكن لأبنائها من العلم والحضارة والإنسانية إلا ما كانوا يتعلّمون من حيواناتهم وفي غاباتهم. فنقل لهم الرّسل والقدّيسون والنّسّاك علوم الإيمان، وما صحَّ في الحياة الاجتماعيّة الّتي من شأنها أن ترفع من فكر الإنسان وحياته في مراقي إنسانيّته لتصيِّره على صورة الله ومثاله حقيقة. وبالرّغم من فضل المسيحيّة على هذه الشّعوب، وغيرها، والحضارة العالميّة عامّة، فقد قلبت الكثير من الدّول لها ظهر المجن وحاربتها بكلّ ما أوتيت من قوّة، وشكّلت لمواجهتها جمعيّات ونقابات تعاديها، وتنشر فكرا بين النّاس، مفاده، أنّ الإنسان من غير الإيمان وبدون الله كائن يمكن أن يكون أخلاقيّا ومخلصّا ومحبّا.
نعم أيّها الإخوة والأبناء الأحبّاء، وإلى يومنا هذا لا زالت هذه المؤسّسات والدّول والمنظّمات تحارب يسوع المسيح، وتشكّك بشخصه وبتعليمه وبقداسة والدته. ينطوي هذا كلّه تحت بند الحرب ضدّ المسيحيّة. وبالحقيقة الّتي يجب أن تقال، يقف الكثيرون من المسيحيّين موقف اللّامبالين، ولا يتّخذون في مواجهتها أيّة مواقف يمكن أن تفيد البشريّة، وتوقف تدهورها نحو اللّاإيمان وبالّتالي العودة إلى ناموس الغابات والوثنيّة والعبادة الشّخصيّة، فيأكل القويّ الضّعيف، ولن يجد النّاس بعدها رحمة فيما بينهم. وسيسود القانون الأخلاقيّ الناتج عن عدم الإيمان بالله وكلّه ضدّ تعاليم الإيمان المستقاة من الكتب الموحاة، فيفقد النّاس محبّتهم لبعضهم البعض واحترامهم لوالديهم، ورحمتهم لأطفالهم. وتكثر بينهم الموبقات والرّقيق الأبيض والأسود ولن يشعروا بعد ذلك بأمان في حياتهم، لأنّ كلّ واحد منهم سيحسب ذاته مركزا للكون.
هل نقوم نحن بممانعة حضاريّة، ونقف في وجه هذه التّصرّفات ضدّ الإيمان بأيّة أعمال مفيدة، ونتخذ أيّة خطوات احترازيّة حتّى لا تقع الأجيال القادمة في فراغ روحيّ، فلا نعرف ما المخبّأ بعدها.
من هذه الخطوات الاحترازيّة، أن نحدّث أولادنا وأحفادنا عن يسوع المسيح المحبّ، أن نتحدّث أمامهم عن أخلاقيّات الإنسان المؤمن وصدقه، أن نعلّمهم إشارة الصّليب، وأن نعيش نحن معهم ذلك بعواطف صادقة وقناعة لا شائبة فيها حتّى ينحفر ذلك في أذهانهم وطباعهم ولا ينمحي منها. وكذلك أن نضع بين أيديهم الكتب المقدسة، ونعيِّد لأعياد شفعائهم بدلا من تعييدنا ليوم ميلادهم فقط وكأنهم لا قبلهم ولا بعدهم، أن نعيد التّقاليد المحبّبة ولا زالت إلى القلوب، تلك الّتي ارتبطت بمناسبات إيمانيّة مختلفة، أن نتكلَّم أمامهم عن الكنيسة والإيمان والقدّيسين بكلام طيّب حسن يرسم في أذهانهم صورا نقيّة، ويطبع في عقولهم ذكريات طيّبة ومريحة.
أيّها الإخوة الأحبّاء، هذا ما علّمنا عليه أجدادنا، فلنعلّم أبناءنا على ذلك. والله لا يهمل الأجيال اّلتي تلتجئ إليه، بل يعينها ويأخذها الى ما فيه خيرها.
حفظكم الله، وحفظ إيمانكم، لكي تحفظوا في هذه الحياة سعداء، أنقياء وطاهرين، وتكتب لكم الحياة الآتية، حيث ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر، ما أعدّه الله للّذين يحبّونه من قبل إنشاء العالم.