"ها أنا أمة للرّبّ، فليكن لي بحسب قولك" (لو1: 38)، جواب متواضع للغاية بغية أن يتهيّأ عرش النّعمة، بفعل الرّوح القدس...
عيد البشارة
"فالقدّوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو 1: 35)
وقال الملاك: "السّلام عليك أيّتها المنعم عليها، الرّب معك" (لو 1: 28). هو لم يقل الرّبّ فيك، بل الرّبّ معك. وليس معك فحسب الرّبّ الابن الّذي وشّحته بجسدك، بل بل أيضا الرّب الرّوح القدس الّذي منه تحبلين، والرّبّ الآب الّذي ولد ولد ذاك الّذي تحبلين به.
أجل، الآب معك، فهو الّذي يجعل ابنه يصير ابنك. والابن معك ليبدع فيك سرّا باهرا، إذ يفضّ لذاته سرّ حشاك بشكل عجيب مع حفظه ختم بشارتك. والرّوح القدس معك، فهو مع الآب والابن يقدّس حشاك. أجل الله معك.
"مباركة أنت في النّساء"- أودّ هنا أن أضيف ما قد أضافته أليصابات لاحقا – و"مبارك ثمر بطنك" (لو1: 42). مبارك ثمر بطنك، لا لأنّك أنت مباركة، بل على العكس من ذلك، فإنّك مباركة لأنّه هو "من أدركك ببركات النّعمة" (مز20: 4).
أجل، مبارك حقّأ ثمر بطنك، هو الّذي به تتبارك كلّ الأمم. (تك 12: 5 – غل 3 : 8). فمن امتلائه أخذت أنت أيضا مع الجمع، ولكن بشكل مختلف عن الجميع. ولهذا السّبب أنت مباركة، ولكن في النّساء، أمّا هو فليس مباركا في الرّجال ولا في الملائكة، بل هو "الإله المبارك فوق كلّ الدّهور" (رو9: 5).
أجل "مباركة أنت في النّساء "، أنت النّاجية من اللّعنة الواقعة على النّساء كافّة: "بالأوجاع تلدين البنين" تك (3: 16)، كما من اللّعنة الحاصلة لاحقا: "ملعونة هي المرأة العاقر في إسرائيل" (خر23: 26). إذًا، لقد أحرزت أنت هذه البركة الوحيدة، ألّا تلبثي عاقرا، وألّا تلدي في الوجع في آن معا...
فيا أيّـتها البتول الفطنة، أيّتها البتول المنذورة، من الّذي لقّنك أنّ البتوليّة مرضيّة عند الله؟ لقد نذرت نفسك لتكوني عذراء مهداة للمسيح، وأنت لا تعلمين أنّ ذاك الّذي تقرّبين له ذاتك، لا بدّ أن تكوني أمّه أيضا. لقد اخترت أن تكوني محتقرة في إسرائيل، إرضاء لمن لأجله تجنّدت (2تيم2: 4)...
هيّئي حشاك إذًا أيّتها البتول، فها إنّ القدير مزمع على صنع العظائم بك (لو1: 49)... فأنتك ستلدين ذاك الّذي أبوه هو الله. وسوف يكون ابن محبّة الآب إكليل عفّـتك... "ها أنا أمة للرّبّ، فليكن لي بحسب قولك" (لو1: 38)، جواب متواضع للغاية بغية أن يتهيّأ عرش النّعمة، بفعل الرّوح القدس...
برنار كليرفو
موتك حياتي (ص 123و124)
دير القدّيس جاورجيوس-دير الحرف.