قوّة كلمة الله فاعلة وقادرة ولا تعود خائبة
افتتاحية البشارة
بقلم سيادة الأسقف ديمتري شربك
7 تموز 2024
دعوة التلاميذ
في النّصّ الإنجيليّ الّذي رتّبت الكنيسة أن يُتلى على مسامعنا في هذا الأحد المبارك نسمع عن دعوة السّيّد المسيح للتّلاميذ كي يتبعوه، أي عن اختيار السّيّد لمن سيكونون معه ولمن سيرافقونه في بشارته.
يبدأ بالأخوين أندراوس وبطرس وهما يجهّزان الشّباك للصّيد، فيدعوهما، وبدون تردّد " تركا كلّ شيء وتبعاه". ثمّ يتابع السّيّد دعوته ليعقوب ويوحنا اللّذين كانا مع والدهما، وبمجرّد قول السّيّد لهما "هلمّا ورائي" تركا والدهما والسّفينة وتبعاه.
ربما يبدو لنا هذا الأمر غريبا ونادرا، كيف من الممكن لشخص أن يقول جملة تجعل الآخرين يتركون كلّ شيء ويتبعونه؟! بالرّغم من أنّه غير معروف من قبلهم، وبالأحرى ما قاله غير مفهوم أو على الأقلّ غير واضح: "أجعلكم صيّادي النّاس"!
ما هو الشّيء الّذي جعلهم يتبعونه؟ كيف وثقوا بكلامه؟
قوّة الكلمة الإلهيّة هي الّتي اخترقت قلوبهم وجعلتهم يتركون كلّ شيء ويتبعونه. هذه القوّة الّتي خلقت كلّ شيء من العدم. كان كافيا أن يقول الله فليكن، فيكون. قال الله: ليكن نور، فكان النّور. وقال الله: ليكن جلد فكان الجلد. الكلمة الإلهيّة قويّة جدّا لدرجة أنّها خالقة من العدم. هذه القوّة جذبت التّلاميذ، فتركوا كلّ شيء. قوّة الدّعوة "هلمّوا ورائي" جعلتهم لا يرغبون بشيء أكثر ولا أكبر.
هذه القوّة عينها هي التي اخترقت قلبي تلميذي عمواس بعد القيامة. "ألم يكن قلبنا ملتهبا فينا وهو يحدّثنا في الطّريق"؟!
قوّة كلمة الله فاعلة وقادرة ولا تعود خائبة. هذا الأمر عرفه حتّى غير المقرّبين من يسوع، فها هو قائد المئة يقول بإيمان عظيم له: " قل كلمة فيبرأ غلامي". وبطرس بعد ليلة صعبة وطويلة دون صيد يقول للسّيّد: "على كلمتك ألقي شباكي"، فكادت الشّباك تتخزّق لكثرة السّمك.
هذه القوّة استخدمها التّلاميذ بعد صعود السّيّد إلى السّماء فكانوا يشفون بها المرضى، حيث كانوا يقولون لهم: "باسم يسوع المسيح أقول لك لتكن معافى"، فكانوا يُشفون للحال، وسفر أعمال الرسل يشهد بذلك.
هذا ما اعتاد عليه المؤمنون الأقدمون، وحفظه اللّاحقون عند الشّدّة أو الألم أو الوجع، وعند الخطر يصرخون قائلين: "يا يسوع" لثقتهم وإيمانهم بقوّة هذا الاسم وفاعليته وقدرته على الرّعاية والحماية وإبعاد الأعداء المنظورين وغير المنظورين عن المؤمنين.
رجاؤنا إلى الله أن يُبقي كلمته قويّة فاعلة وعاملة فينا ومن خلالنا لنكون تلاميذ صالحين مخلصين له، آمين.