الفصح الشتوي


الفصح الشتوي



تعتبر العذراء مريم، في الكنيسة الأرثوذكسيّة، صورة الذين خلصوا. فإذا كان يسوع المسيح هو المخلِّص، فإنّ مريم صورة المخلَّصين بامتياز. ففي كلّ أثر من حياتها، ليست الاستثناء الأعظم، بل المثال الأعظم، كما اعتاد أن يقول الأب ألكسندر شميمن. فمن الحبل بها إلى رقادها، الذي هو موتها الحقيقيّ، تُظهر كيف أنّه على كلّ الناس أن يتقدّسوا بالروح القدس كخدّام لله ومتمثّلين بالمسيح(1).

 

رأينا في الاحتفال بعيد دخولها إلى الهيكل كيف أنّ الترانيم تصفها باستمرار ب <<الهيكل الحيّ لمجد المسيح إلهنا المقدّس>>. إنّها تُمدَح بوصفها <<الفلك (فلك نوح) الحيّ الذي وسع الكلمة غير الموسوع في مكان>>. وتُمجَّد لكونها <<الهيكل الذي حوى الله>>. كرّسها الروح القدس لتكون <<موضع سكنى القدير>>. دخلت إلى قدس الأقداس لتصير هي نفسها <<قدس الأقداس الحيّ>>، التي تجسّد المسيح فيها، جاعلاً، بذلك، إيّاها وكلّ شخص متّحدٍ معها بالإيمان <<ساكن السماء>>.

 

<<أيتها الكليّة النقاوة،

إذ قد صرت أرفع سموّاً من السماوات

وهيكلاً وبلاطاً،

جُعلتِ في هيكل الله

لتُهيَّأي مسكناً إلهيّاً لحلوله>>.

 

<<لنسبّح بالترنيمات وفد والدة الإله المجيد

لأنّها إذ هي هيكل لله،

تُقدَّم اليوم نبويّاً إلى الهيكل هديّة جزيلة الثمن>>(2).

 

خُلقنا جميعاً لنكون هياكل لله حيّة، خلقنا جميعاً لنكون مسكناً لمجده، صُنعنا على صورته ومثاله لنثبت في حضوره. قُتل الشهيد الأوّل، رئيس الشمامسة استفانوس، الذي نعيّد له في اليوم الثالث بعد ميلاد الربّ بالجسد، لأنّه بشّر بهذا العجَب، عندما شهد أنّ <<العليّ لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي>>. فاتُّهم بسبب هذا القول، كما اتُّهم المسيح نفسه، بأنّه يخطّط لتدمير هيك أورشليم الأرضيّ (أع7: 48؛ 6: 14) (3).

كما يذيع الرسول بولس هذه العقيدة بوضوح، وبدون مواربة، عندما يكتب إلى الكورنثيّين (ولنا أيضاً): <<فإنّنا نحن (بولس وأبولّس) عاملان مع الله، وأنتم فلاحة الله، بناء الله>> (1كو3: 9).

 

<<أفما تعلمون أنّكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم،

إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله.

لأنّ هيكل الله مقدّس الذي أنتم هو>> (1كو3: 16_17).

 

كما نجد التعليم ذاته في رسالة الرسول بولس إلى كنيسة أفسس، كتثبيت لكلمات المسيح الواردة في إنجيل يوحنّا:

<<إن أحبّني أحد يحفظ كلامي، ويحبّه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً>> (يو14: 23).

<<لأنّ به (المسيح) لنا كلينا (اليهود والأمم) قدوماً في روح واحد إلى الآب فلستم إذاً بعد غرباء ونزلاء، بل رعيّة مع القدّيسين وأهل بيت الله. مبنيّين على اساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية. الذي فيه كلّ البناء مركّب معاً، ينمو هيكلاً مقدّساً في الربّ. الذي فيه أنتم أيضاً مبنيّون معاً، مسكناً لله في الروح>> (أف2: 18_22) (4).

 

يسوع المسيح، ابن الله وكلمته وصورته، تصوّر، ماديّاً وروحيّاً، في جسد مريم وهكذا تصوّر فينا. <<يا أولادي الذين أتمخّض بكم أيضاً إلى أن يتصوّر المسيح فيكم>> (غلا4: 19). هذا هو معنى الميلاد، الذي هو معنى الحياة ذاتها: المسيح فينا ونحن فيه، الله معنا ونحن معه. الروح القدس في قلوبنا، ومنها ينتشر ليقدّس العالم من حولنا. هذا ليس مجرّد رمز، أو لغة كتابيّة أو ليتورجيّة شاعريّة رفيعة. إنّه عمل جديّ. إنّها قضيّة حياة وموت. لأنّنا إمّا أن نكون أواني مختارة لله، <<أواني خزفيّة، ليكون فضل القوة لله لا منّا>> (2كو4: 7) كما يقول بولس الرسول، أو <<أواني غضب>> للهلاك بغنى مجد الله (رو9: 22).

 

طالما أنّنا نتابع الطريق إلى فصح الشتاء فالفرصة أمامنا واضحة. نستطيع أن نتبع <<الطريق الضيّق>> الذي يقود إلى الحياة، أو نمشي في <<الطريق الواسع>> الذي يقود إلى الهلاك (مت7: 13_14). نستطيع، كمريم أن نلتصق بالربّ ونصير مسكناً له بالروح القدس. أو نستطيع بالخطيئة والأخلاق الفاسدة أن نختار الموت الذي نحن فيه ما لم يحيا المسيح فينا. <<وأمّا من التصق بالربّ فهو روح واحد>> (1كو6: 17).

 

<<لتبتهج اليوم السماء من فوق. ولتقطر السحب سروراً

في عظائم إلهنا المستغرَبَة جدّاً.

فها إنّ المولودة بحسب الوعد من عاقر غير مثمرة

والمنذورة مسكناً لله. الباب المتّجه نحو المشارق

تُقدَّم اليوم إلى الهيكل كتقدمة لا عيب فيها

فليبتهج داود ضارباً كنّارته قائلاً:

لتسعَ إلى الملك عذارى في إثرها

نسيباتها يتقدّمن إليها

داخل مظلّة الله ضمن مستَغْفَره

لكي تُربَى لسكنى المولود من الآب قبل الدهور

بدون استحالة. لخلاص نفوسنا>> (5).

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ولادة مريم من يواكيم وحنّة هي ولادة بشريّة طبيعيّة حسب الإيمان الأرثوذكسيّ. ما من داع لتدخّل خاصّ من الله لكي يزيل <<بقعة>> الخطيئة الأصليّة لأنّه ما من <<بقعة>> تنتقل بفعل الحبل. ولهذا لا توجد في الكنيسة الأرثوذكسيّة عقيدة أو عيد خاصّ <<للحبل بلا دنس>>. انظر الفصل التاسع. رقاد مريم، ايضاً أو <<موتها>> هو موت طبيعيّ، مع أنّه فيها تحقّق القيامة والتمجيد مباشرة، لأنّه فيها تحقّق نصر المسيح الكامل على الموت.

(2) سَحَر العيد.

(3) انظر يو2: 21، مت26: 4 انظر أيضاً الفصل 29.

(4) انظر ايضاً 1بط2: 4_5.

(5) خدمة غروب العيد. تنسب الليتورجيا عبارة <<الباب المتجه نحو المشارق>> إلى مريم العذراء لأنّ مجد الربّ دخل عبر هذه البوّابة الشرقية إلى هيكل أورشليم، فأغلقت إلى الأبد وخُتمت حتّى لا يدخلها إنسان مائت من بعد، فصارت ترمز إلى مريم البتول التي ولدت ابن الله وهي بتول. انظر حزقيال43: 1_5، 44: 1_4.

20-11-2017
situs toto slot terbaik SITUS TOTO Togel Hadiah Terbesar Bet 200 Perak Link Alternatif Nana4D Situs Toto Slot Gacor Situs Toto Situs Toto Slot Gacor Situs Toto Situs Slot PG Soft Terbaik Dan Terpercaya Situs Toto Terpercaya Slot Thailand nana4d SLOT DEMO SLOT DEMO X1000 Slot Gacor Hari Ini Slot Demo PG RTP Live Info Slot Gacor Hari Ini Bocoran RTP Slot RTP Live Gacor Tertinggi BANDAR SITUS TOTO BANDAR SITUS TOTO TERPERCAYA BANDAR SITUS TOTO TERBAIK https://https://jermynstreetjournal.com/ https://jennybolton.com

shiowla

situs toto

situs toto

shiowla

shiowla

https://kalamariotes.gr/-/shiowla/

https://shantikuteer.org/

https://proletter.org/

shiowla

shiowla

situs toto

situs toto

situs toto

shiowla

shiowla

shiowla

shiowla

shiowla

http://elikconsulting.com/-/shiowla/

https://f4a.pt/-/situs-toto/

http://www.rsiafghanistan.com/-/shiowla/

https://qpadmon.com/opac/shiowla/

https://444bunuelosgourmet.com/-/shiowla/

https://alsalamradio.com/frontend/-/stoto/

slot88 slotgacor