تعلمناالأناجيل، وتخبرنا الليتورجيا، أن يسوع المسيح ولـد على الأرض من العذراء مريم. الروح القدس الذي يمنحه الله للمؤمنين يهبهم "فكر المسيح"، وهـو يعرفهم إلى الأمور الروحية، يعرفهم أن يسوع ابن الله، أن الله أبوه منذ الأزل. إذا كان من شيء فريد وأصيل، لم يسبق له مثيل قط في الكتاب المقدس، وغير قابل للنكران بالمطلق حـول تعليم يسوع نفسه، فهو أنه هو، وفقط هـو، الذي يستطيع أن يدعو الله الفائق السمو أبا. إنه ينادي هكذا في صفحات الإنجيل حوالى مائتي مرة.
الله هو أبو يسوع لذا لا يمكن أن يكون له أب بشري. مـن الواجب أن يولد من عذراء. القديس متى يرى فـي ولادته مـن عذراء تحقيقا لكلمات النبي أشعياء: هـوذا العذراء تحبل وتلد ابنا، ويدعونه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنـا. مـع أنا لباحثين يتجـادلون حول كلمـة »عـذراء« الواردة في النص: ويقولون إنها تعني أيضا »صبية« فإنه من الواضح أن الكلمة اليونانية التي يستعملها الانجيلي، كما يبدو أيضا من سياق روايته الكاملة، تعني حرفيا عذراء لم يكن لها علاقة جنسية مع رجل.
مـع أنه توجد اختلافات بين روايتي الطفولة في إنجيلي متى ولوقا، إلا أنه ما من اختلاف حول كل ما يتعلق بولادة يسوع من عذراء. وفـي رواية القديس لوقا الذي يورد تفاصيل أكثر في إنجيله، تسأل مريم الملاك مباشرة عن كيفيّة حدوث الولادة قائلة: "وأنا لست أعرف رجلا" (لو1 :34). وكلّنا يعرف جواب الملاك: "الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدع ابن الله" (لو1 : 35).
يقول تقليد الكنيسـة إن القديس لوقا أخذ قصـة ولادة يسوع مـن مريــم نفسها، ناظرا في عبارته "وكانت أمه تحفظ جميع هذه الأمور في قلبها" (لو2: 51)، كإشارة واضحة جدا إلى مصدر معلوماته، لكن مهما يكن الحال، فإن تعليمه دامغ. المسيح ابن الله وليس له أب بشري.
"لقد تم اليوم عجب مستغرب
ذلك أن بتولا تلد
والمستودع لم يدخل عليه فساد
الكلمة يتجسد
ومن الآب لم ينفصل
الملائكة معا لرعاة يمجدون
ونحن معهم نهتف صارخين
المجد لله في الأعالي
وعلى الأرض السلام"
"لم تتعجبين يامريم
ولماذا تنذهلين في داخلك
فتجيب قائلة: لأني ولدت في زمن ابنا غير محدود في زمن
ولم أدرك كيفية الحبل بالمولود
إنني لم أعرف رجالا
فكيف ألد ابنا
فمن ذا الذي رأى قط ولادة خلوا من زرع
لكنحيثيشاءالإله
يغلب نظام الطبيعة كما كتب
المسيح ولد من البتول
في بيت لحم اليهودية"
يقول تعليم الكنيسة، متبعا الكتاب المقدس، إن مريم ظلت عذراء بقية حياتها، ولم تعرف رجلا. ولم يكن لها أولاد قط إلـى جانب الرب يسـوع.
وأكرر أن هذه العقيدة ليست مؤسسة فقط على الكتاب وإنما فهمتها الكنيسة كحقيقة لاهوتية ملهمـة بالروح القدس. حقيقة يفهمها بشكل جلي الذين لهم "فكر المسيح".
لايذكرالكتاب المقدس أبدا أن مريم لها أولاد إلايسـوع.
لايوجد نص واحد يشير ولو من بعيد إلى شيء كهذا
أمّا عن "أخوة وأخوات" يسوع المذكورين في الإنجيل، فلا توجد عبارة واحدة نفيد أنّهم أولاد مريم.
التفسير التّقليديّ منذ الزّمن الأوّل للكنيسة أنّهم إمّا أنسباء يسوع، أو أولاد يوسف من زواجه السّابق. ومن المعلوم أنّ يوسف كان يكبر العذراء بكثير، وأنّه مات قبل أن يبدأ يسوع بشارته.
وعندما كان يسوع على الصّليب، سلّم أمّه إلى تلميذه يوحنا الحبيب، وهذا فعل يستحيل القيام به لو كان له "أخوة" من مريم. (يو19: 26- 27).
البيئة الرّوحيّة والمعنى السّرّانيّ (الصّوفيّ) لبتوليّة والدة الإله قد شهدت عليهما الكنيسة كعقيدة في المجمع المسكونيّ الخامس، المنعقد في العام 553...
