في الاحتفال بفصح الشّتاء. يعرف المؤمنون حقّا، من أجل أنفسهم، أنّ "الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكلّ قد صار جديدا" (غلا5: 17).
"إنّ الختانة قد بطلت مذ اختتن المسيح باختياره
مخلّصا جماهير الأمم بنعمته".
في اليوم الثامن بعد الميلاد، ويصادف اليوم الأول من السنة الجديدة، تحتفل الكنيسة بعيد ختانة الرب، واعطائه اسم يسوع الذي يعني المخلص.
"ولمّا تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سُمّي يسوع، كما تسمى من الملاك قبل أن حبل به في البطن". (لو2: 21)
يصادف هذا اليوم أيضا، ذكرى رقاد القديس باسيليوس الكبير الّتي تحتل قسما من ليتورجيا العيد.
"إن سيّد كــل البرايـا يحتمل الختانة فيحسـم زلات الأنـام بما أنه صالح. ويمنح اليوم الخلاص للعالم. فيفـرح فـي الأعالي رئيس كهنة الخالق، المتوشح بالضياء، خادم المسيح باسيليوس".
(قنداق عيد الختان والقديس باسيليوس الكبير)
بحسب ليتورجيا العيد، يقبل الرب ختانة جسدية لكي يتم ناموس موسىى، الذي ما كان أحد من قبل قادرا على إتمامه. بإتمام "كلّ شيء بحسب النّاموس يكون المسيح قد تمّم "كلّ برّ" (مت3: 15). بهذا المعنى هو أتمّ الناموس والأنبياء، ليس فقط لأنّه عمل ما هـو مكتوب عنه، بل لأنّه أيضا بعمله كل الأشياء التي يجب على كل واحد أن يعملها، فتمم كلمة الله حقا.
"إن الإله الكلي صلاحه لم يأنف أن يختتن ختانـة جسدية بل جعل ذاته مثالا للجميع للخلاص. فإن واضع الشريعة يتمم فرائض الشريعة، وكرازات الأنبياء عنه. فيا أيها الحاوي الكل في قبضته. يا من أدرج في أقمطة يا رب المجد لك.
بإتمامه كل شيء وفق الناموس، يظهر الرب أنه أتى ليكون خادما، وليماهي ذاته كليا مـع مخلوقاته الخاطئة. هـذا هـو تواضع الله الإلهي، محبته الرقيقة وصبره الفائقا العظمـة. تواضعه وتنازله، اللذان يفوقان كل وصف ويعجز الكلام عنهما، من أجلنا نحن الضائعين. لأنه لم يوجد فقط "في الهيئة كإنسان بل أخلى ذاته من مجده الالهي آخذا صـورة عبد خاضعا لحكم رئيس الكهنة، مظهرا علامة الخضوع الكامل لله، متحملا فعل الخضوع، هذا الذي يظهر موقف الخليقة غير المقدسة، الضعيفة والمحتاجة إلى المساعدة الكاملة أمام خالقهاا لإلهي. لا تستطيع الكلمات أن توضح تنازل الرب بمشيئته لكي يختتن. إنه فعل إخلاء ذات وتواضع لايمكن وصفهما.
"أيها الرب الجزيل التحنن
إنك وأنت إله بحسب الجوهر
قد اتخذت صورة بشريّة بغير استحالة
إذ أتممت الشريعة
تقبلت باختيارك ختانة جسدية
لكي تنسخ الرسوم الظلية
وتزيل قناع أهواؤئنا
فالمجد لصلاحك
المجد لتحننك
المجد لتنازلك الذي لايوصف أيها الكلمة.
(طروباريّة عيد ختانة الرّب)
عندما قبل الرب الختانة نجى شعبه من لعنة الناموس وحرره من علاماتا لعهد الطقسية المؤسسة على الناموس. ناموس الله ليس لعنة بذاته. مع أن بعض الاهوتيين المسيحين يميلون إلـى هذا التعليم. يقول بولس الرسول: "الناموس مقدس والوصية مقدسة وعادلة وصالحة" (رو7: 12). المشكلة هي في أن ما من أحد قادر على أن يحفظ الناموس، فإذا كنا سنحاسب حسب أعمال الناموس، لايستطيع أحـد أن يعملـه،
وهكذا بالإيمان بالمسيح يصير كل المؤمنين أبرارا أمام الله.
أعطي الختان بحد ذاته كجواب عن الإيمــان. كـان علامة الانتماء إيمانيا إلى الرب. حتى في شكله ومعناه الأصليين، لم يكن مجرد فعل
مادي، بل روحي، لم يكن فقط أمرا لحميا، بل قلبيا.
"فَإِنَّ الْخِتَانَ يَنْفَعُ إِنْ عَمِلْتَ بِالنَّامُوسِ. وَلكِنْ إِنْ كُنْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ، فَقَدْ صَارَ خِتَانُكَ غُرْلَةً! إِذًا إِنْ كَانَ الأَغْرَلُ يَحْفَظُ أَحْكَامَ النَّامُوسِ، أَفَمَا تُحْسَبُ غُرْلَتُهُ خِتَانًا؟ وَتَكُونُ الْغُرْلَةُ الَّتِي مِنَ الطَّبِيعَةِ، وَهِيَ تُكَمِّلُ النَّامُوسَ، تَدِينُكَ أَنْتَ الَّذِي فِي الْكِتَابِ وَالْخِتَانِ تَتَعَدَّى النَّامُوسَ؟ لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا، وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَانًا، بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ، وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ، الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللهِ" (رو2: 29).
بسبب برّ يسوع المسيح الطّقسيّ والمعنويّ، الماديّ والرّوحيّ، الشّرائعيّ والاخلاقيّ، فإنّه يحرّر شعبه من كلّ شيء ينتهي إلى هذا العالم ويفتح لهم الحياة في مملكة الله في الدّهر الآتي. " لأنّه في المسيح يسوع، لا الختان ينفع شيئا، ولا الغرلة، بل الإيمان العامل بالمحبّة" (غل5: 6).
"دُعِيَ أَحَدٌ وَهُوَ مَخْتُونٌ، فَلاَ يَصِرْ أَغْلَفَ. دُعِيَ أَحَدٌ فِي الْغُرْلَةِ، فَلاَ يَخْتَتِنْ. لَيْسَ الْخِتَانُ شَيْئًا، وَلَيْسَتِ الْغُرْلَةُ شَيْئًا، بَلْ حِفْظُ وَصَايَا اللهِ" 1كو 7: 12-15).
"جميع الذين يريدون أن يعملوا منظرا حسنا في الجسد هؤلاء يلزمونكم أن تختتنوا لئلا يضطهدوا لأجل صليب المسيح فقط. لأن الذين يختتنون هم لا يحفظون الناموس بل يريدون أن تختتنوا أنتم لكي يفتخروا في جسدكم. وأما من جهتي فحاشا لي أن افتخر إلّا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي، وأنا للعالم. لأنه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئا، ولا الغرلة، بل الخليقة الجديدة" (غلا6: 12-15).
في الاحتفال بفصح الشّتاء. يعرف المؤمنون حقّا، من أجل أنفسهم، أنّ "الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكلّ قد صار جديدا" (غلا5: 17).
"إنّ الختانة قد بطلت مذ اختتن المسيح باختياره
مخلّصا جماهير الأمم بنعمته".
"إنّ المسيح في اليوم الثّامن من ميلاده
يتقبل ختانة
فبذلك يزيل اليوم ظلّها
مطلعا نور النّعمة الجديدة"
"إنّ المولود من الآب بحال لا تفسّر
خلوّا من انفصال ولا تغيير
بما أنّه الكلمة وإله من إله
يحتمل بالجسد ختانة ولم يزل غير مستحيل بلاهوته
والّذي هو فوق الشّريعة قد صار تحت الشّريعة
فأنقذ الجميع من لعنة الشّريعة
ومنحهم البركة الّتي من العلاء
لذلك فلنمدحه مسبّحين تنازله الفائق الصّلاح
ونمجّده بشكر ضارعين إليه أن يمنح لنفوسنا
الرّحمة العظمى"
(خدمة سحر عيد ختانة الرّبّ)