يسوع هو العريس الإلهيّ، والكنيسة عروسه. ويوحنّا المعمدان هو الرّجل الأفضل في العرس، إنّه "صديق " العريس الّذي يفرح لفرحه. كانت حياته كلّها وخدمته من أجل المسيح، الّذي مهّد طريقه

في اليوم الّذي يلي عيد الظّهور الإلهيّ، عيد جامع للقدّيس يوحنّا المعمدان، النّبيّ والسّابق المسيح ومعمّده. إنّه احتفال ليتورجيّ لتكريم الّذي مهّد الطّريق أمام المسيح، وعمّده في نهر الأردن. الّذي قال يسوع عنه:"لا يوجد في مواليد النّساء أعظم من يوحنّا"

"وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ: إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. فَسَأَلُوهُ: إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟ فَقَالَ: لَسْتُ أَنَا. أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟ فَأَجَابَ: لا.  فَقَالُوا لَهُ: مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَابًا لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيّ" (يو1: 19-23).

ويوحنّا شرح لتلاميذه الّذين سيصيرون تلاميذ المسيح قائلا:

"أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ".

يسوع هو العريس الإلهيّ، والكنيسة عروسه. ويوحنّا المعمدان هو الرّجل الأفضل في العرس، إنّه "صديق " العريس الّذي يفرح لفرحه. كانت حياته كلّها وخدمته من أجل المسيح، الّذي مهّد طريقه. كان أمينا له حتّى، مع أنّه لم يحصل على الجواب، حول مجد شهادته الحرّة والمجّانيّة للحقّ الّذي من أجله ولد، ومن أجله مات.

"أَمَّا يُوحَنَّا فَلَمَّا سَمِعَ فِي السِّجْنِ بِأَعْمَالِ الْمَسِيحِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ،
وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ هُوَ الآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمَا: اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا تَسْمَعَانِ وَتَنْظُرَانِ:اَلْعُمْيُ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجُ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمُّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينُ يُبَشَّرُونَ. وَطُوبَى لِمَنْ لاَ يَعْثُرُ فِيَّ.
وَبَيْنَمَا ذَهَبَ هذَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَانًا لاَبِسًا ثِيَابًا نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ النَّاعِمَةَ هُمْ فِي بُيُوتِ الْمُلُوكِ.لكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيًّا؟ نَعَمْ، أَقُولُ لَكُمْ، وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. فَإِنَّ هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ، وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا، فَهذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ" (مت11: 2-15).

ليس واضحا كفاية ما عناه المسيح بقوله "الأصغر في ملكوت السّماوات أعظم منه". ربّما تكلّم عن نفسه. أو ربّما عن العذراء مريم، وأولئك المسيحيين الّذين معها، الّذين عاشوا بنعمة الله ليروا قيامة المسيح، ويدخلوا لاحقا ملكوت الله، على عكس يوحنّا الّذي قطع رأسه قبل صلب المسيح. وكما تعلّم الكنيسة، سيكون يوحنا سابق المخلّص حتّى في موته. ولكن مهما كان التّفسير، يبق أمر  واحد واضح بحسب قول الرّبّ: "بين المولودين من النّساء ليس نبيّ أعظم من يوحنّا المعمدان" (لو7: 28).

يوحنّا المعمدان هو الأعظم. السّبب هو تكرّسه العنيف ليسوع المسيح الّذي كان تعبير تكرّسه العنيف لحقيقة الله وعدالته. برّ يوحنّا وشفافيّته اللّذان لا مساومة فيهما هما سبب عظمته. لم يشهد القيامة. لم يصنع عجائب، عندما كان حيّا. لم يكتب كتابا. لم يكن من المدعوّين "أسراريّين". لكنّه كان ناسكا ونبيّا. عاش من أجل الله فقط. وحمل الشّهادة لوصايا الرّبّ حتّى الرّمق الاخير. لهذا تكرّمه الكنيسة، وتمجّده ليس فقط في الحبل به وفي ميلاده، وفي ذكرى قطع رأسه، بل أيضا في عيد جامع على شرفه في اليوم الّذي يلي معموديّة السّيّد.

"تذكار الصدّيق بالمديح، أمّا أنتَ أيها السّابق فتكفيك شهادة الرب، لأنّك ظهرتَ بالحقيقة أشرف من كلّ الأنبياء، إذ قد استأهلتَ أن تعمّد في المجاري مَن قد كُرز به، ولذلك جاهدتَ عن الحق مسرورا، بشّرتَ الذينَ في الجحيم بالإله الظّاهر بالجسد، الرّافع خطيئةَ العالم، والمانح إيانا الرحمةَ العظمى"

(طروباريّة القدّيس يوحنّا المعمدان)

" إنّ السّيّد قد سبق فدعاك نبيّا

يا من هو أرفع شأنا من الأنبياء

وأعظم من الكلّ في مواليد النّساء

لأنّ المسيح الّذي سبق الأنبياء والنّاموس فأخبروا عنه

قد أبصرته أنت بالجسد

وإذ قد عمّدته ظهرت أشرف من جميعهم"

(خدمة سحر عيد القدّيس يوحنّا المعمدان 7 ك1)

"لقد وافيت أيّها الصّابغ من الأوجاع العقريّة

ملاكا وساكنا الفقر منذ عهد الأقمطة

وظهرت خاتمة جميع الأنبياء

فإنّ ذاك الّذي شاهده أولئك بأنواع مختلفة

وسبقوا فكرزوا به برموز

قد استاهلت أنت أن تعمّده في الأردن

وسمعت من السّماء صوتا أبويّا شاهدا ببنوّته

ورأيت الرّوح بهيئة حمامة

مجتذبا الصّوت إلى المصطبغ

فيا من هو أعظم الأنبياء كافّة

لا تزل متشفّعا من أجلنا نحن المقيمين تذكارك بإيمان"

(خدمة سحر عيد القدّيس يوحنّا المعمدان 7 ك1)