المسيح ختننا المنتظر


 صلاة الختن الأولى هي خدمة صلاة سحر الاثنين العظيم المقدس تقام مساء الأحد. وصباح الاثنين، نقيم خدمة القداس السابق تقديسه وهي خدمة صلاة غروب الاثنين مع خدمة المناولة، وكأن الكنيسة تستبق الزمن مبتغية أن تصل إلى القيامة بأسرع وقت.

كلمة "الختن"
الختن ، كلمةٌ سريانيةٌ تعني في اللغة العربية (العريس) . نسمع هذه الكلمة مراتٍ عديدة في ليتورجيتنا، و خاصةً في صلاة نصف الليل ، و صلاة الختن في الأسبوع العظيم من الصوم الأربعيني المقدس أيام



الأسبوع العظيم المقدّس بكامل أحداثه ومعانيه يُشكّل وحدة مترابطة ترابطا محكما؛ الأيام الثلاثة الأولى تذكّرنا بهدف الرحلة الصومية التي قطعنا شوطا كبيرا منها، ألا وهو انتظار العريس الآتي: "ها هوذا الختن (العريس) يأتي في نصف الليل فطوبى للعبد الذي يجده مستيقظا…".

 

 

 هذه الدعوة إلى انتظار العريس، المستوحاة من مثلَيْ العذارى (متى 25: 1-13) والوكيل الأمين (لوقا 12: 35-40)، تردّنا إلى ما أوصى به السيد، في ما كان يحدّث تلاميذه عن مجيئه الرهيب في اليوم الأخير، لمّا قال لهم "اسهروا" (مرقس 13: 33-37)0 وصيّة السهر -الذي نعيش مدلوله بقوّة في هذا الأسبوع- تدلّ على طبيعة جماعة يسوع وعملها (الإعلان عن اليوم الاخير) في هذا الزمن الرديء، وهذا، لا شكّ، تستطيعه إذا سمّرَتْ عينيها على "خدر المسيح" (الخدر هو الغرفة الزوجية)، وأدركت أنها بقدرتها "لا تملك رداء للدخول إليه"، وانه وحده يعطيها الحلّة الجديدة إذا ما اتّخذها لنفسه عروسا على الصليب .
 يُشير إنجيل صلاة سَحَر يوم الاثنين العظيم (صلاة السَحَر هي الصلاة المعروفة شعبيا بصلاة الخَتَن) التي تقام، وفق الممارسة الحالية، مساء أحد الشعانين، إلى أن التينة التي لعنها الرب يبست (متى 21: 18-23). والتينة رمز إلى كهنة الهيكل والفريسيين الذين لم يثمروا، والى العالم الذي خُلق ليحمل ثمرا روحيا وأَخفقَ، وهي تنقل تحذيراً إلى كل نفس عقيمة لا تعمل، في العالم، عمل الرب. ينتهي المقطع الإنجيلي بمثلين، الأول هو مثل الابنَيْن اللذين أرسلهما والدهما إلى العمل في كرمه فرفض الأول ثم تاب وذهب، وقَبِلَ الآخر لكنه لم يذهب . والثاني هو مثل العَمَلة القتلة الذين قتلوا مُرْسَلي صاحب الكرم وابنََه. فنتعلّم من المثل الأول أن الرب الذي يرغب في قبول التائبين يكره التواني، ومن الثاني أن العريس الذي غرّبه بنو جنسه وقتلوه هو "حَجَر الزواية" في البناء .
 نقيم في هذا اليوم ذكرى يوسف العفيف الذي أبغضه إخوته وباعوه ، أودية قانون السَحَر تشير مراراً إليه ، يوسف هو مثال للأمانة التي هي شرط للدخول إلى خدر المسيح .
 يتابع يوم الثلاثاء العظيم (الذي يؤدّى الاثنين مساء) التأمل في موضوع عودة المسيح ديّان البشر . نصوص هذا اليوم تحضّنا على ضرورة اليقظة (أكدت نصوص يوم أمس أن يوم الربّ رهيب ولا يأتي بمراقبة)، واقتناء الاستعدادات الداخلية التي يستلزمها هذا الحدث. فتُذكّرنا صلاة السَحَر بوجوب محبّة العريس وتهيئة المصابيح لامعة بالفضائل والإيمان، حتى متى جاء السيد يصطحبنا معه في عرسه .
 الأُنشودة الثانية في الخدمة مستوحاة من التلاوة الإنجيلية (متى 22: 15-23: 39)، وهي تشير إلى مجمع المشورة الحائد عن الشريعة الذي ألّفه الحسّاد الذين هم رؤساء اليهود (الكهنة والكتبة والصدّوقيون والفريسيّون…) على يسوع، فاستحقّوا -وكل من يتبع تآمرهم- التوبيخ الطويل الوارد في التلاوة، لكونهم لا يكتفون بعدم الدخول إلى الملكوت ولكنهم "لا يتركون الداخلين يدخلون" .
 الأمثال الثلاثة التي يطالعنا بها إنجيل خدمة القدسات السابق تقديسها (متى 24: 36-26 :2) تتحدث عن النهاية واليوم الأخير الذي يختبئ السيد وراء بشريته، كما قال المطران جورج (خضر)، عندما يعلن أن تلك الساعة لا يعرفها أحد إلا "الآب وحده" . المثل الأول في التلاوة هو مثل العبد الرديء الذي يفاجئه سيده في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها ويجعل نصيبه مع المرائين، لانه لم يكن حكيما ولا أمينا على العمل الذي أقيم عليه . والمثل الثاني هو مثل " العذارى العاقلات والعذارى الجاهلات"، وهو قصة فتيات عشر، خمس منهن حكيمات في استعدادهن لانتظار الرب الذي يفسره زيت آنيتهن، وخمس جاهلات من حيث إن مصابيحهن، التي هي رمز الى نفوسهن، لم تكن مهيأة لاستقبال العريس عندما أتى ودخلت معه المستعدّات الى العرس . لا شكّ أن الزيت هو رمز الى الإيمان والأعمال كما فسّر آباؤنا القديسون ما يُظهره هذا المثل هو أن الزيت شخصيٌّ ولا يمكن استعارتُهُ، وأن النفس التوّاقة الى الرب تُكَوِّنُ طاعتُها لكلمته المحيية شوقها إليه . ويُعلّم هذا المثل مع "مثل الوزنات" الذي يتبعه أن الرب سَيَدِينُ الناس على أساس حكمته الأزلية التي كُشِفت في ابنه يسوع، وليس على أساس ظنونهم وتبريراتهم، ويذكّرنا بأن لا نبرّر نحن أنفسنا، فالحكيم هو مَن صدّق خبر الرب وبنى حياته عليه وانتظر، بتيقّظٍ، ما سوف يُكشَف في اليوم الاخير 

 

28-Apr-2024