تأملات في الصوم الكبير المقدس


تأملات في الصوم الكبير المقدس




5- المزامير

هي جزء ملازم للصلوات الأرثوذكسية على مدار السنة، أما مدة الصوم الكبير المقدس فتتضاعف قراءاتها، وفي الاسابيع العادية نتلو المزامير مرة كل اسبوع، (وهذا يُعمل به في الأديار الرهبانية وحدها) وأما في الصوم الكبير فالمزامير تُقرأ مرتين في كل اسبوع.

احد الارثوذكسية

6- خدمة القداس السابق تقديسه” البروجيازماني

يطرأ تغيير في ترتيب الخدم الروحية ابان الصوم المقدس، أما التغيير الواضح ففي عدم القيام بخدمة القداس الالهي اثناء ايام الاسبوع ماعدا السبوت والآحاد والأعياد، ويوم عيد البشارة في أي يوم يقع، أما سبب ذلك كله فهو ان خدمة القداس الالهي تحمل معنى خدمة القيامة المجيدة، بل هي امتداد في الزمان والمكان لقيامة الرب يسوع من بين الأموات وانتصاره، انها خدمة البهجة والغبطة والانتصار على الموت والخطيئة، ولئلا يحصل التعارض بين هذا المبدأ ومبدأ الصيام الذي هو مرحلة التوبة هيأت الكنيسة المقدسة خدمة القداس السابق تقديسه لتقام مرتين في الاسبوع يومي الاربعاء والجمعة، بعد تلاوة صلاة المساء لكي يتمكن المؤمنون من تناول سر الشكر الالهي، أما من جهة تقديس الخبز والخمر واستحالتهما فانما تحصلان في الأحد السابق.

7- سبوت وآحاد الصوم الأربعيني المقدس

ان سبوت الصوم، عدا السبت الأول الذي نقيم فيه تذكار الشهيد القديس ثيودوروس التيروني والسبت الخامس الذي هو سبت المديح نقيم فيها تذكارات للراقدين بالرب على رجاء القيامة والحياة الأبدية.

أما الآحاد فمع انها ظلت تحمل معناها الأصيل وهي تذكار قيامة الرب يسوع من الأموات فان لكل منها معنى خاصاً، فالأحد الأول هو أحد الأرثوذكسية

أحد الاثوذكسية

وفيه نعيد لانتصار الكنيسة الأرثوذكسية على بدعة محاربي الأيقونات (842مسيحية) والأحد الثاني نقيم فيه تذكار القيس غريغوريوس بالاماس وهو من أعظم اللاهوتيين الروميين المتأخرينن عاش في القرن الرابع عشرن وركز تعليمه على دعوة الانسان ليتاله بالمسيح.

أما الأحد الثالث فنعيد فيه للسجود للصليب المكرم ومنه ننطلق للتهيئة للحدث الأعظم لصلب المسيح عليه من أجل خلاص الجبلة البشرية.

وفي الأحد الرابع نقيم تذكار القديس يوحنا السلمي صاحب سلم الفضائل الروحية الذي يوضح فيه مراحل الحياة الروحية وغناها الالهي وأثمارها الطيبة.

أما الأحد الخامس فنحتفل فيه بتذكار مريم المصرية التي تعطينا حياتها مثالاً حياً لقوة التوبة وعظم قداستها وفعلها الحي المستمر في الانسان.

كيف يمكننا ان نعيش الصوم؟

احد السجود للصليب

نحن بلا شك مدعوون الى ان نشترك اشتراكاً فعلياً في الحياة الطقسية، وإذا لم تمكنا أعمالنا وهمومنا اليومية من ممارسة جميع الصلوات يومياً في الصباح وعند الظهر وفي المساء، فعلينا أن نعمل جهداً كبيراً لكي نحضر معظم أوقات الصلاة مصغين الى نداء الكنيسة لكي نوسع أفق مداركنا واختباراتنا الروحية ونسير في موكب التجديد والتقديس والبركة، جديرين بمستوى المسؤولية التي نحملها أمام الله كأبناء مُفتَدين بدم الرب، مدعوين للحفاظ بحرص على القيم التالية:

1- الامتناع عن أكل اللحم والمآكل الفاخرة

ان المبدأ الذي تقوم عليه فكرة الصوم في كنيستنا الأرثوذكسية هي قبل كل شيء جهد نسكي يحدونا الى أن نُخضع الجسد للروح، والطبيعي لما هو فوق الطبيعة، وهي ان نمتنع عن أكل اللحم والجبن والبيض ولكن الامتناع عن هذه المآكل ليس غاية في نفسه، بل وسيلة ترمي الى غاية التقديس والتكامل و التنقية، ويقول الرسول الالهي بولس:” ان أكلنا لانزيد وان لم نأكل لاننقص، إن الصوم يحمل أكثر من معنى الامتناع عن بعض المآكل، إنه يعني مواصلة السهر في ممارسة الصلوات باستمرار، والاصغاء لصوت الرب والكنيسة الذي يدعونا بحرارة الى التجديد والاعتصام بالروحانية الفاعلة في كياننا، وأن نقوم بأكبر جهد ممكن في عمل الخير والاستنارة بنور المعرفة الالهية.

ان قضية الصوم في الكنيسة الأرثوذكسية ليست قضية قياس: كم مرة فيها نأكل ، وماهو مقدار ما نأكل ونوعية هذا الأكل، الكنيسة هنا تعطينا مبادىء عامة، وتعلمنا طريق السمر الروحي ومدارج الارتقاء العقلي عن سبيل الزهد بلمآكل والامتناع عنها.

2- الصلاة

سلم الفضائل

من التزامات مرحلة الصيام استمرار صلواتنا مضيفين اليها صلاة أفرام السوري مثلما علينا ان نحضر صلوات النوم الكبرى يومياً مساء وخدمة القداس الالهي ايام الآحاد، هذا اذا لم تساعدنا حياتنا البيومية من حضورنا جميع اوقات الصلاة.

3- قراءة الكتب المقدسة

ان ثمة ضرورة تدعونا بشوق الى قراءة بعض الاصحاحات من الكتاب المقدس يومياً كسفر التكوين والأمثال واشعياء النبي والمزامير وغيرها من كتب العهد القديم اضافة الى العهد الجديد.

لقد كان المؤمنون قديماً يحضرون جميع الخدم الروحية وكانوا يشتركون في قراءة الكتاب المقدس، ولما ازدادت تطلبات العصر الحاضر ولما لم يعد باستطاعة كل فرد ان يحضر كل الخدم الالهية فعليه ان يقرأ الكتاب المقدس خلال تلك المرحلة مثلما يستحسن على المؤمن أن يطالع كتب حياة القديسين وتاريخ الكنيسةن وشرح العقائد وما شاكل، فهذه ترفعنا وتطهرنا روحياً وتجعل اشتراكنا أكثر فعالية في حياة الكنيسة.

4- تغيير منهج حياتنا

ايقونة مديح السيدة العذراء

هذه دعوة يجب تلبيتها بالقياس الى اهتماماتنا الصاخبة، بالامتناع عنها وبالانصراف الى مواطن اللهو وبالانصراف الى التأمل وقراءة الكتب الالهية وممارسة الصلاة.

يجب ان نعطي أهمية كبرى لقراءة الكتاب المقدس في هذا الظرف لكي نستنير بنور المعرفة الالهية ونزداد قوة وخاصة في الازمات الحياتية والوجودية كما يحصل معنا في مشرقنا المسيحي ومايهدد وجودنا في اوطاننا

فمتى اختبرنا طريق الروح تتكشف ؤشلنا سعادة روحية فائقة ونعيش في سلام الله وهو نفسه يدخل الى أعماق نفوسنا …

 

 

ان الصوم وسيلة نرتفع بها عن العالم ونرتقي سلم الفضائل حيث الروح والحق والكمال سائرين في ركب الكنيسة المقدسة الى موكب العيد العظيم، عيد قيامة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح من بين الأموات فيقيمنا معه.

12-Mar-2019