تأمل لصاحب السيادة المتروبوليت باسيليوس منصور بمناسبة بدء زمن التريودي


المتواضعون لا يخشون إنكساراً ولا يخافون سقوطاً لأنهم وهم في حضيض النظرة الى أنفسهم حاسبين جميع الناس أفضل منهم تجعلهم يا سيدي جالسين على قمم الملكوت.



 

الإخوة والأبناء الأحباء.
يا يسوع: إننا نتحضَّر من اليوم فصاعداً للدخول في أسرار صومك، وأسرارُ صومك هي معلناتُ محبتك لجنس البشر منذ أن خلقتنا. علمتنا يا صانع السماء والأرض أن الصوم بحاجة لأسس تمتلك علينا شخصنا. لقد جعلتنا أنقياء طاهرين وأوصيتنا أن نصوم لك. كان ذلك لمَّا أعطيتنا كلَّ البركات مجاناً وكنا أنئذ بلا هم وبلا سقطة وليس بأتعاب الجسد كي لا يفتخر أحد. بل منك أيها الأب الرحوم والرؤوف.
أنت...جابلنا وعارف مقدار إمكانياتنا في مواجهة الشرّ يا بريئاً من كلّ شر. تلك هي إرادتك دائماً أن نمتلك فردوسك مجاناً. فمهما جاهدنا فأنت الكريم الذي تجعل لأتعابنا ثماراً.
أعلنت يا سيدي بكلمتك المدوَّنة في عهدك الجديد أن بدء كلِّ جهاد ناجح يجب أن نعبئهُ ونغلّفهُ لكي لا يستطيع عدو كل شر أن يخلصنا إياه. وعلمتنا يا سيد المتواضعين أن النجاح المحفوظ المثمر هو المرتكز على قاعدة ثابتة من التواضع فالمتواضعون لا يخشون إنكساراً ولا يخافون سقوطاً لأنهم وهم في حضيض النظرة الى أنفسهم حاسبين جميع الناس أفضل منهم تجعلهم يا سيدي جالسين على قمم الملكوت. لقد بات العالم يعرف أنك أنت خلاصه وتعاليمك تقوده الى كلِّ صلاح جعلته هدفاً لبنائه ويتمنى الكل أن يحصلوا على كل ما حدوته لإسعادنا وخلاصنا. وجعلت المدعوين كثيرين وتمنيت وعملت لكي يبقوا جميعاً على الدعوة لكن الرؤوس الشامخة بالأنانية والكبرياء ترتطم بعوارض وعتبات الملكوت فتتكسَّر وترتد عن الولوج الى خدر عرسك الأبدي وحدهم الذين نسوا أنفسهم ولغيرك لا يلقون بالاً لأنهم على علم أكيد أنك قد جعلت الكلَّ في بالك وفي محطِّ إهتمامك يعبرون أبوابه وساحاته. إنني أخاطبك يا سيدي لأنني هكذا أتمنى أن تكون العلاقة بيننا ولكن كلُّ الأشياء تسود عليَّ وتمنع سيادة أبوتك المحبّة للسلام أن تسود على نفسي المشوشة وشخصيتي غير المرتبة.
أنا أعرف من الواقع والحقيقة الماثلة أمام ناظري وأمام أنظار جميع الناس أنك سيِّدنا وإلهنا وبرهنت على ذلك بالتواضع الذي لا يستطيع أن يصل الى أدنى مستوياته أيٌ منّا. فكنت الأقوى لأنك أبطلت الذي ساد على البشرية وكنت أمل الخلاص لهذا نطلب إليك أن تستلم عنا ذواتنا وتمشي معنا طريقنا وكأنك تمشيها عنا. يا من مشيت عنا طريق التوبة إليك ولكي نُدرك بالبركات وبأسرار معلناتك كم نظلم أنفسنا عندما نريد لها الحياة في هذا العالم. إجعلنا يا نبع الفضائل كلّها عشارين في ملكوتك لنردَّ من العشار القاسي الكذاب وأبو الكذاب الذي لا يظلم في العشر فقط بل يظلم في الكل. وهو نبع الشرور جميعاً وعلّة النقص في كل طرق الخير لأنه خسر التواضع وكان به قادراً أن يستوعب فضاءات ملكوتك. بك وحدك نغلبه ونسترد كل ما ظلمنا به أضعافاً مضاعفة. وتصير أواخرنا أفضل من أوائلنا معلنين أننا تواضعاً تواضعنا للرب فسمع لنا وجعل شيوخنا يرون أحلاماً وشبابنا ينظرون رؤى والملكوت لا يكون على الرجاء فأنت الملكوت الذي حلَّ بيننا وخيَّم في خيمةٍ
كخيامنا التي بها نتقدَّس. ومن تواضعه نستقي نعم الفضائل والتخلي لكي يصبح كلُّ الكون شريكاً في المحبة آمين.

07-Feb-2020